– فتْح “البقالات الصغيرة” في الأحياء خطأ فادح قامت به بعض الشركات؛ مما عرّضها للخسارة وتآكل رأس المال.
– مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية استطاع الفصل بين الميزانية العامة وعائدات النفط المتذبذبة دون تجاوزات في الصرف كما كان يحدث سابقاً.
– أغلب الموظفين الحكوميين والقطاع الخاص لم يستوعبوا بشكل صحيح رؤية السعودية 2030.
– لأول مرة السعودية تبني سوقاً محلياً فعالاً يعتمد على الرهون العقارية وسندات الخزينة وتداول الأفراد بصيغة إسلامية مقبولة.
– الأسرة السعودية غير مبذرة، وما يقال عنها “تعميمات” غير صحيحة، و”البيانات المحايدة” من مصلحة الإحصاءات ومؤسسة النقد تؤكد ذلك.
– “اتفاقية باريس” أبرز التوجهات الاقتصادية عالمياً وهدفها زيادة معدل الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة.
– خطط الصرف الحكومي الجديدة محدودة بالميزانية العامة ولم تعد تعتمد على صرف مبالغ تتجاوز 300 مليار سنوياً لتحفيز الاقتصاد المحلي.
– العمالة الوافدة الرخيصة “أغرقت” قطاع التجزئة والسبب كثرة الشوارع التجارية في الأحياء.
– نحن على مشارف عهد جديد من التوسع الاقتصادي الذي سيكون معتمداً -بشكل أكبر- على القطاع الخاص.
تصوير/ وليد النغيثر: يقول الخبير الاقتصادي والمالي، والمخطط الاستراتيجي، والكاتب الاقتصادي محمد السويد: “إن وزير الإسكان قام بإنجاز استراتيجية الإسكان أخيراً بعد تخبط مرّت به الوزارة لسنوات عديدة، ومن المفترض أن نرى ثمارها يتم قطفها بداية من سنة 2017 بإذن الله”؛ مؤكداً في حواره مع “سبق” أن السعودية دخلت “عصراً مشرقاً” على المستوى الاقتصادي، بعد إحداث تغييرات إصلاحية، واتخاذ سياسة الترشيد في الإنفاق، وأن التوجه الجديد للدولة حالياً، بالاعتماد على تنويع مصادر الدخل الحكومي، سيدفعها لتقليل اعتمادها على دخلها من النفط، وتطوير أسواقها المحلية لجعلها أكثر جاذبية، وتنافسية. وأشار إلى أن الاكتتاب في السندات السعودية يُعَد شهادة ثقة دولية؛ حيث تم تغطيته لأكثر من 3 مرات؛ مما يوضح تعطش الأسواق الدولية للسندات السعودية المقومة بالدولار. وأوضح أن السعودية لأول مرة تقوم ببناء سوق فعال محلي يعتمد بشكل أساسي على الرهون العقارية، وسندات الخزينة التي من المزمع أن تكون متوفرة للتداول للأفراد وبصيغة إسلامية مقبولة؛ مبيناً أن هناك مَن يرى أن الأسرة السعودية مبذرة اعتماداً على فرضيات وتعميمات مسبقة؛ إلا أن البيانات المحايدة المتوفرة من مصلحة الإحصاءات ومؤسسة النقد تُبَين عكس ذلك تماماً. ويتناول الحوار عدداً من المحاور الاقتصادية والتنموية.. فإلى التفاصيل.
** ما هي أبرز التوجهات الاقتصادية العالمية حالياً؟
أبرز التوجهات الاقتصادية عالمياً في الوقت الحالي؛ اتفاقية باريس التي وقّعتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتتعامل مع مسألة التغير المناخي؛ حيث ستسعى هذه الاتفاقية لحث الدول الأعضاء على زيادة معدل اعتمادها على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة.
** يرى الكثير من الاقتصاديين أن السعودية دخلت “عصراً مشرقاً” على المستوى الاقتصادي، بعد إحداث تغييرات إصلاحية واتخاذ سياسة الترشيد في الإنفاق؛ فهل ثمة انعكاس لذلك على الاقتصاد المحلي بشكل عام على المدى الطويل؟
نعم، هذا صحيح؛ فالتوجه الجديد للدولة حالياً بالاعتماد على تنويع مصادر الدخل الحكومي، سيدفعها لتقليل اعتمادها على دخلها من النفط، وتطوير أسواقها المحلية لجعلها أكثر جاذبية وتنافسية؛ وذلك بمشاركة القطاع الخاص ليكون مصدر دعم مهم لنمو الاقتصاد بدلاً من الصرف الحكومي والدعم الحكومي للطاقة.
** لماذا لا يزال الكثيرون يرون أن وزارة الإسكان بطيئة جداً في التعامل مع أزمة السكن؟
أعتقد أن تقييم أداء وزارة الإسكان يجب أن يتم منذ لحظة تولي الوزير الحالي لها، وبحسب تصوري فإنه قام بإنجاز استراتيجية الإسكان أخيراً بعد تخبط مرّت به الوزارة لسنوات عديدة، ومن المفترض أن نرى ثمارها يتم قطفها بداية من سنة 2017 بإذن الله.
** لماذا يعتبر الاكتتاب في السندات السعودية شهادة ثقة دولية؟
الاكتتاب تم تغطيته لأكثر من 3 مرات؛ مما يوضح تعطش الأسواق الدولية للسندات السعودية المقومة بالدولار، مع تواضع العوائد المرصودة لهذه السندات؛ حيث كانت أقل من مثيلتها المصدرة من دولة قطر، وقريبة من أسعار الفائدة على السندات الأمريكية المماثلة لها في المدد الزمنية.
** طرح السندات في دول الخليج -وخاصة في السعودية- هل سيحولها إلى دول مستوردة لرؤوس الأموال بعد أن ظلت طويلاً مصدراً لتصديرها؟
طبعاً بإذن الله؛ فالسعودية لأول مرة تقوم ببناء سوق فعال محلي يعتمد بشكل أساسي على الرهون العقارية، وسندات الخزينة التي من المزمع أن تكون متوفرة للتداول للأفراد وبصيغة إسلامية مقبولة، تجعل حجم سوق الديْن يتجاوز الترليون ريال خلال السنوات العشر القادمة بإذن الله.
** بعد الإصلاحات الاقتصادية التي يمرّ بها الاقتصاد السعودي.. هل يمكن القول إن اقتصادنا قريب من أن يكون “اقتصاداً غير مرتبط بالنفط”؟
هذه حقيقة وليست توقعاً؛ فالاقتصاد السعودي لم يعد مرتبطاً بسعر النفط بداية من السنة الحالية؛ فقد قام المجلس الاقتصادي بفصل الرابط الهيكلي المؤثر ما بين الميزانية العامة وعائدات النفط المتذبذبة، عندما أعاد هيكلة الميزانية العامة لتعكس أرقامُها التقديريةُ المصروفَ الفعلي لاحقاً، بدون أن يكون هناك تجاوزات للصرف كما كان سابقاً عندما تنخفض أو تزداد عائدات مبيعات النفط السنوية. وانفصال الاقتصاد عن النفط لا يعني حالياً تحقيق أي هدف؛ وإنما يُعتبر جزءاً من خطة عمل لجعل الاقتصاد أقل اعتماداً على النفط، والذي كان لصيقاً به بشكل مباشر طوال العقود الماضية. الأهم في هذه العملية هو فهم تَبِعَاتها لكي يتمكن الجميع من التعامل معها بالطريقة المناسبة؛ فخطط الصرف الحكومي الجديدة لم تعد تعتمد على صرف مبالغ تتجاوز 300 مليار ريال سنوياً، والتي كانت تحفز النمو المستمر في الاقتصاد طوال الفترة الماضية؛ بل أصبحت الآن محدودة بالميزانية العامة المقدرة بأقل من 840 مليار ريال، بزيادة سنوية لا تتجاوز 5% تقريباً، والتي من المرجح أن تشمل الميزانية السنوية لبرنامج التحول الوطني 2020، وهي 53 مليار ريال تقريباً، بمجموع 270 ملياراً لخمس سنوات.
** هل تُعَد الأسرة السعودية مبذّرة في استهلاكها؟
هناك مَن يرى أن الأسرة السعودية مبذرة اعتماداً على فرضيات وتعميمات مسبقة؛ إلا أن البيانات المحايدة المتوفرة من مصلحة الإحصاءات، ومؤسسة النقد تُبَين عكس ذلك تماماً؛ فعلى سبيل المثال متوسط الإنفاق الشهري للأسرة السعودية في إحدى السنوات وصل إلى 15367 ريالاً؛ في حين أن متوسط الدخل في نفس السنة كان 13610 ريالات؛ مما يعني أن لدى الأسرة السعودية عجزاً شهرياً بقيمة 1700 ريال تقريباً، يدفعها للاقتراض لتغطية استهلاك شهري تُشكل الجوانب الأساسية فيه أكثر من 80%، والمتبقي 20% فقط كماليات. وهذه الأرقام تستخدم المتوسط؛ لذا من الممكن ألا تكون معبّرة بشكل مناسب عن إنفاق الأسرة الشهري؛ لذا عندما ننظر لوسيط الدخل الشهري للأسرة في ذات العام، نجد أنه كان في حدود 10723 ريالاً، وهو فِرَق كبير عن المتوسط قدره 3000 ريال تقريباً؛ مما يعني أن الشريحة ذات الدخل المتوسط إلى المتدنية تُشكل الشريحة الأكبر في المجتمع، والتي في الغالب ستقترض لتغطي عجز متوسط الدخل الشهري الذي أشير إليه سابقاً.
** ما هي أهم التحديات التي تواجه رؤية 2030م؟
اليوم، نعيش مرحلة تغيير عظيمة يعتمد عليها مصير مستقبلنا؛ وذلك بالتحول الوطني لتحقيق رؤية السعودية 2030؛ ولكن حتى الآن ألاحظ ضعف مستوى الارتباط ما بين الأطراف المعنية كالموظفين، والمواطنين، والقطاع الخاص، وبين القرارات التي تتخذها الوزارات، والإدارات الحكومية المختلفة بين الحين والآخر. وبسبب اطلاعي على مختلف مبادرات التحول الوطني الاستراتيجية استوعبتُ طبيعة هذه التغيير، وأنه جزء من إعادة هيكلة نظام الحوافز للموظفين الحكوميين؛ ليكون مناسباً مع خطط التغيير الجديدة لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030؛ ولكن أغلب الأطراف المعنية كالموظفين الحكوميين، والقطاع الخاص لم يستوعبها بشكل صحيح؛ بل فُهِمَت على أنها أحد قرارات سياسة التقشف لخفض الإنفاق العام، وأن الخطوة القادمة هي خفض الرواتب وخفض القوى العاملة، وهذا غير صحيح.. ونتائج فهم القرار بشكل خاطئ كانت كارثية؛ حيث بدأت في سوق الأسهم بسبب طبيعته المرنة مع السيولة، وبدأت عمليات البيع، ودفعت البنوك والمؤسسات المالية لتصفية المحافظ لديها بسبب التسهيلات المقدمة؛ مسببة خسائر لا داعي لها للمساهمين ولبقية أطراف الاقتصاد لاحقاً. وهذه “النتائج الكارثية” لم تكتفِ بسوق الأسهم؛ بل امتدت إلى شركات القطاع الخاص، ويتم العمل على خفض المصاريف، وفصل الموظفين بشكل أكبر، وربما يعرّض بعض الشركات لإعلان الإفلاس بعد إقرار قانون إفلاس الشركات الجديد من قِبَل وزارة التجارة. وكلها أمور لم تُفهم بالشكل الصحيح، وغير مدروسة، وفيها استعجال.
** قيام بعض الشركات الكبيرة بمحاولة زيادة مبيعاتها عن طريق فتح “بقالات صغيرة” في أحياء مختلفة، هل هو مجدٍ اقتصادياً؟
أرى أن من الخطأ الفادح أن تقوم شركات تجزئة كبيرة بزيادة مبيعاتها عن طريق “البقالات الصغيرة” في مناطق مترامية؛ لأنه سيزيد حتماً من المصاريف التشغيلية مقارنة بالزيادة في الإيرادات؛ مما يؤدي لاحقاً إلى تآكل أرباح الشركة تدريجياً، ومن ثم تعرّض الشركة للخسارة وتآكل رأس المال. وهذا الأمر الذي يجعلنا نقف طويلاً عند المقترح الذي طُرح في مجلس الشورى لإغلاق البقالات الصغيرة التابعة لشركات التجزئة الكبيرة، وأشارك صاحب مقترح إغلاق البقالات الحالية همومه بخصوص جودتها وإغراقها لقطاع التجزئة؛ ولكنه لا يعتبر خياراً جيداً أبداً؛ لأنه مقترح غير مستدام، ويُعتبر تدخلاً حكومياً مباشراً في ديناميكية القطاع، وهو مخالف للتوجه الاستراتيجي الجديد الذي ينظر للتشريعات كمحفز لنمو القطاع، وتحسن جودة خدماته بدون اتخاذ خطوات تتدخل مباشرة في نمو أو انكماش القطاع؛ بل تركهما لديناميكية السوق. وعموماً فقطاع التجزئة بشكل عام -بما فيه البقالات- يتعرض للإغراق من قِبَل العمالة الرخيصة؛ بسبب كثرة الشوارع التجارية في المدن الحالية بشكل يتجاوز طاقتها الأساسية، والمراهنة على أن شركات التجزئة الكبيرة ستقوم بأخذ دور البقالات الصغيرة يُعتبر غير مُجدٍ؛ لأن هذا التوجه في الأساس غير مربح مالياً لشركات التجزئة الكبيرة؛ لأنه يزيد من مصاريفها التشغيلية، ويُضعِف من فعالية أعمالها كما يحدث حالياً مع عدد من الشركات.
** ما هي توقعاتك المستقبلية للاقتصاد السعودي؟
أعتقد أننا على مشارف عهد جديد من التوسع الاقتصادي الذي سيكون معتمداً بشكل أكبر على القطاع الخاص بإذن الله، تماماً كما حدث مع الاقتصاد السعودي خلال فترة التسعينيات الميلادية، والتي استمر فيها الناتج المحلي بالنمو؛ متجاهلاً الجمود في الميزانية الحكومية تلك الفترة ومحدودية الصرف الحكومي، وحقق نتائج اقتصادية مُرضية.
● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .