كُتّاب سعوديون: الشامتون في ضحايا إسطنبول.. ضرَبهم “فيروس الإرهاب”

586e156695cee
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

586e156695cee

حذّر كتّاب ومحللون من “عقلية” الشامتين بضحايا مطعم إسطنبول، شهداء الإنسانية؛ لافتين إلى أن هؤلاء “منحطون أخلاقياً”، اختاروا أن يكونوا مع القاتل، وأن جماجمهم قابلة لملئها بالأفكار المتطرفة التي ستصل بهم إلى الإرهاب، بعدما التقطوا الفيروس الأساسي للإرهاب وهو (أن هناك بشراً يستحقون الموت)؛ ومؤكدين أنه ليس من حق أحد حبس صِيَغ الرحمات عن الضحايا، ولا تقسيم التقى والإيمان، وأن الاعتقاد بأننا نمتلك مفاتيح المغفرة والرحمة جرأة كبرى.

 

أخاف عليكم أن تلتقوا بهم

وفي مقاله “(عقلية) الشامتين بضحايا إسطنبول” بصحيفة “عكاظ”، يبدأ الكاتب الصحفي سعيد السريحي، بمقولة أبي العلاء المعري:

لا تظلموا الموتى وإن طال المدى

إني أخاف عليكم أن تلتقوا

 

ويضيف “السريحي”: “وأنا أتابع ما طال ضحايانا الذين سقطوا قتلى وجرحى جراء الحادث الإرهابي في إسطنبول من تشويه لصورتهم وإساءة لسيرتهم، ولا ذنب لهم إلا أن قدَرهم أن يكونوا موجودين في ذلك المطعم الذي استهدفه العمل الإرهابي، ولو امتلك أولئك الناعقون بالإساءة لعرفوا أن مَن كُتب عليهم الموت قتلاً سيتعرضون له حتى ولو كانوا ركعاً وسجداً في بيوت الله. ولعل بعض تلك الشماتة بالضحايا لا تخلو من رضى عما فعله الإرهابي ما دام المستهدف ملهى -كما وصفه الإعلام- أو مطعماً سياحيا كما هو في حقيقته، وكان الأوْلى بأولئك الذين يُبطنون الرضا عن ذلك الفعل الإرهابي أن يتذكر أن تلك العصابة المجرمة التي استهدفت ذلك المطعم -أو حتى الملهى- هي نفس العصابة التي استهدفت بيوت الله من قبل، وإذا كان قتل مَن خرجوا للسياحة قد طاب لهم؛ فهل طاب لهم من قبل مَن خرجوا للصلاة”.

 

وفي لغة تحذيرية، يقول “السريحي”: “لو تأملنا في عقلية أولئك الذين أساءوا للضحايا من أبنائنا وبناتنا في حادث إسطنبول ودققنا في الخطاب الذي يرتكزون عليه؛ لأدركنا أنهم يمتلكون نفس العقلية التي كانت تهيمن على ذلك المجرم حين أطلق رصاصاته الغادرة، وإذا كانت تلك العقلية قد أباحت للقاتل القتل؛ فقد أباحت للشامتين بالضحايا التصفيق لفعله والإحساس الخفي أنه قام عنهم بالواجب”.

 

هل هم شهداء

وفي مقاله “ضحايا إسطنبول: هل هم شهداء” بصحيفة “الوطن”، يرفض الكاتب الصحفي علي الشريمي التساؤلات التي طرحتها وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول: “تابعت وسائل التواصل الاجتماعي ويا ليتني لم أتابع، كانت الأسئلة والتعليقات كالتالي: هل يصح أن نطلق عليهم شهداء؟ أم ضحايا؟ أم قتلى؟ هل كانوا في مطعم؟ أم في ملهى؟ هذه الأسئلة تعكس في واقعها ثقافة التسطيح التي تعيشها مجتمعاتنا؛ وكأن هؤلاء المعلقين يمتلكون يقينية الوصاية على الجنة والنار. إنني أتساءل: كيف غابت الإنسانية فينا؟ أين قِيَم التراحم والتعاطف الإنساني؟ وأين كرامة الإنسان التي أمرنا الله برعايتها؟”.

 

جهل ووحشية

وفي لهجة حادة يعلق “الشريمي” قائلاً: “ألا نخجل من أنفسنا؛ بل أقولها بكل صراحة ووضوح لهؤلاء الشامتين، أن بهذه الأسئلة سقطت كل ذرة من إنسانيتكم، ولم يبقَ لها أي حيز من الوجود سوى جهلكم ووحشيتكم، سبعة شهداء سعوديين مثلهم مثل شهداء مِن ست عشرة جنسية سقطوا ضحايا في إسطنبول، بينهم اللبناني والأردني والتونسي والعراقي والهندي والبلجيكي والكندي والألماني والروسي وغيرهم.. هؤلاء قرروا أن يعيشوا كما يريدون كبشر، وحق الحياة حق إنساني مكفول لهم وأصيل، وقد وُلد معهم، وليس من حق أحد -كائناً من كان- أن يمنعهم من حقوقهم كآدميين؛ إلا الإرهابي المنتهك لحق الحياة، والذي وضع حداً لحياتهم، وهناك للأسف الشديد إرهابيون آخرون يلاحقونهم ويهاجمونهم حتى بعد وفاتهم، وهذا بمثابة رصاصات تُوازي الرصاصات التي أطلقت في حق هؤلاء البشر”.

 

شهداء الإنسانية

ويطرح “الشريمي” على الجميع حق الاختيار، بين الوقوف إلى جانب الإرهابي أو الضحية، ويقول: “في الشأن الإنساني لك حرية الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما؛ إما أن تكون مع القاتل فتكون قاتلاً مثله، وإما أن تكون مع الضحايا والشهداء فتعبر عن مشاعرك أو تصمت، وهؤلاء في نظري كلهم شهداء الإنسانية، شاء مَن شاء، وأبى من أبى”.

 

كن بشراً إنسانياً

ثم يطالب “الشريمي” بأن نكون بشراً إنسانيين، وينهي قائلاً: “أنت أيها الإنسان الذي خلعت إنسانيتك، ابق مع نفسك الأمّارة بالسوء؛ فقد شمتّ في ضحايا سوريا، وأنت تشمت في ضحايا إسطنبول، تلك هي الإنسانية التي لا تعيها فهي لا تتجزأ أبداً. رحم الله شهداء إسطنبول”.

 

انحطاط اخلاقي

وفي مقاله “انحطاط!” بصحيفة “عكاظ”، يحذّر الكاتب الصحفي تركي الدخيل من الخطاب المتطرف في ردود الأفعال، ويقول: “لم تكن مجزرة إسطنبول مقتصرة على فرم اللحوم، وإسالة الدماء؛ بل أعقبتها المجزرة الكلامية التي أُطلقت على الضحايا الأبرياء. هناك غضب شعبي عارم ضد الخطاب المتطرف، الذي يوزع الرحمات على الآخرين، ويرسل هذا إلى الجنة، والآخر إلى النار.

 

رفض الترحم

ويرى “الدخيل” أن “المشكلة الأكبر، الوصول إلى منطق “تبرير إلا ربع”؛ بمعنى رفض الترحم على الضحايا، والتساؤل عن سبب ذهابهم إلى المطاعم أو مناطق الترفيه.. وأياً تكن المسألة؛ فليس من حق أحد قياس إيمان الآخرين، وهذا مرفوض شرعاً، وهو من “التألي على الله”، ولا ننسى أن النبي عليه السلام حدّث أن: رجلاً قال والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: (من ذا الذي يتألى عليّ ألا أغفر لفلان؛ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك).

 

ويضيف الكاتب: “ليس من حق أحد حبس صيغ الرحمات عن الضحايا، ولا تقسيم التقى والإيمان، هذا يصح على تغريدات لدى متطرفين يمتدون من السعودية إلى لبنان!… لماذا تدينون ذمم الإنسان في مخالفة بينه وبين ربه، وتنسون إدانة قتل النفس التي حرّم الله، وهي من أكبر الكبائر بكل الديانات والأعراف والأخلاق؟!”.

 

جرأة كبرى

ويُنهي “الدخيل” قائلاً: “يا لها من جرأة كبرى، أن نعتقد بفضلنا على الآخرين، وأننا نمتلك مفاتيح المغفرة والرحمة! من المؤسف أن أقول أن هذا لا يشكل إلا انحطاطاً أخلاقياً صرفاً، قادنا إليه نمط تفكير هو أبعد ما يكون عن التفكير، ومدرسة عقلية لا مكان للعقل فيها!”.

 

فيروس الإرهاب

وفي مقاله “إنهم يحتفون بالموت” بصحيفة “عكاظ” يحذّر الكاتب الصحفي عبدالرحمن اللاحم من فيروس الإرهاب الذي ظهر في ردود أفعال المتطرفين، ويقول: “ظاهرة الاحتفاء بموت المخالفين سواء كانوا مخالفين في المذهب أو الفكر أو الاحتفاء بالعمليات الإرهابية لأي سبب كان؛ هي ظاهرة لا بد من التنبه لها، ورصدها بشكل جيد ودقيق؛ لأن مَن يفعل ذلك ويبرره بأي تبرير هو يملك جمجمة قابلة لملئها بالأفكار المتطرفة التي ستصل به إلى الإرهاب؛ لأنه التقط الفيروس الأساسي للإرهاب وهو (أن هناك بشراً يستحقون الموت)؛ وهنا تكمن الخطورة حتى ولو كان أولئك البشر خارج المملكة؛ لأن فيروس التطرف لا يفرّق على أساس المنطقة الجغرافية؛ إنما الخوف من قبضة الأمن من يلجم لسانه عن البوح عن تطبيق قاعدته؛ وإن كان البعض تجاوَزَها وغرّد بمكنون نفسه في أحداث استهداف مساجد الشيعة في المنطقة الشرقية، وما زالوا طلقاء”.


  ● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .

‫0 تعليق