في لمسة وفاء أطلقت إدارة تعليم منطقة مكة المكرمة على إحدى قاعاتها اسم معلمة القرآن “مريم”، التي رحلت بعد معاناتها مع مرض السرطان، مقدمةً أروع الأمثلة والتضحية في حب طالباتها وعملها بتعليم مكة المكرمة.
وتفصيلاً، قدّم مدير إدارة تعليم منطقة مكة المكرمة محمد بن مهدي الحارثي، العزاء لذويها، مشيراً إلى أن “مريم” مثال يُحتذى به؛ ولذلك جرى إطلاق اسمها على قاعة تدريب في “تعليم مكة”؛ تخليداً لذكرها ولمواقفها النبيلة التي تعد قدوة يحتذي بها المعلمات والمعلمون في الصبر والتضحية، مبيناً أن “تعليم مكة” سيجعل سيرتها منشورة على القاعة.
وروى “الحارثي” موقفاً عن المعلمة الراحلة، أنها طلبت العام الماضي تدريس القرآن الكريم فقط، وقد حمدنا الله أن منّ عليها من فضله لتحرص على تعليم طالباتها القرآن الكريم، مقدماً التعازي باسمه واسم منسوبي تعليم منطقة مكة المكرمة ووزارة التعليم، سائلاً الله أن يجعلها شهيدة، وأن يتقبلها عنده.
المعلمة “مريم” التي ودّعت الأسرة التعليمية وطالباتها في مكة المكرمة كانت معلمة التحدي والإصرار والشموخ، هي “مريم بنت مصلح اللقماني” معلمة القرآن الكريم التي فارقت الحياة بعد صراع مع مرض السرطان؛ حيث حركت بمواقفها التربوية مشاعر كل زميلاتها وطالباتها في الابتدائية، مقدمةً للجميع درساً عملياً؛ حيث ظلت تواصل العطاء في فصلها وبين طالباتها بالرغم من جرعات الكيماوي القوية والمنهكة للجسد، وواصلت رسالتها التربوية والتعليمية مرتدية كمامات المناعة وغطاء الرأس بعد تساقط شعرها، ولم تتوقف أو تتغيب عن عملها حتى نزل بها الأجل المحتوم.
وتتصدر قصة رحيل المعلمة “اللقماني”، حديث الوسط التعليمي كمثال يُحتذى به في الجد والصبر والإخلاص؛ وهو ما دفع المدير العام للتعليم بمنطقة مكة المكرمة محمد الحارثي، لتعزية الميدان فيها بخطاب جاء فيه: “شدني فيها حجابها وتمسكها بحشمتها؛ وجميل رضاها بقدر الله، فقد قالت لي ذات مرة إن الأطباء يقولون لي إنكِ ستموتين بعد سنة، وأنا مؤمنة بقضاء الله، وأتمنى أن أكمل حياتي مع القرآن الكريم”.
وأضاف: “خمس سنوات عانت فيها المعلمة من المرض، لا سيما بعد نقلها من تعليم الليث لظروف مرضها، ولكنها لم تيأس ولم تستسلم، لذا سنطلق اسمها على قاعة تدريبية في مركز التدريب الأول بالعزيزية؛ وفاءً لها وتقديراً لتضحيتها ومواقفها التربوية والتعليمية التي لن تمحى ولن تنسى من ذاكرة كل من عرف بقصتها”.
رحلت “اللقماني” وتركت وراءها إرثاً عظيماً من السيرة الحسنة والذكرى الجميلة، وهذا ما تؤكده مديرة التوعية الإسلامية مها بنت محمد قماش، وهي تروي جزءاً من مواقف المعلمة الأنموذج: “كانت فعلاً لا ترضى الغياب والتقصير في عملها؛ دوماً تزورها مشرفتها آمنة العبدلي، فتجدها تعطي حصة القرآن الكريم وكأنه درس تطبيقي لأروع معلمة ترتيلاً وتجويداً، ضبطاً وتفسيراً، حرصاً ومتابعةً، بل تربيةً وسلوكاً”.
وبيّنت: “كما كانت تزور مدرستها مديرة مكتب الغرب رضية الخطابي، فتجدها بهذه الهالة وكلّها همة ونشاط وجدّ وكفاح، حقاً كانت محطّ الأنظار طوال خمس سنوات فقط في عمْر التّعليم، عاشتها مع كتاب الله تنْهل وتعطي، لم يعرف اليأْس لها طريقاً، بل تقرأ لترقى في الجنان، وتعلّم لتكون في الأرض خير إنسان، حقاً إنه إصرار العظماء وعزيمة النبلاء”.
كانت المعلمة “اللقماني” مثالاً لأكل الحلال تورعاً وحباً؛ فلم تتغيب ما دامت تستطيع الحضور، ولم تهتم لما تمسكه بيدها من عصا تتوكأ عليها في آخر أيامها، وكأن لسان حالها يقول:
وكم من صحيح بلا علّة.. عديم الفؤاد كثير الضجر
وكم من سقيم يداوي الجراح.. وينطق حمداً كثير الشّكر
وكانت شهادة قائدتها وزميلاتها وطالباتها أنها: “تتصف بالرقي والتعامل مع الزميلات وتتقيد بالحماس والطموح والإخلاص، فكانت تعني لنا الكثير والكثير، وكم ذرفت أعين الجميع بالدموع على فراقها والدعوة لها بالمغفرة والجنان ولبناتها بالصلاح والفلاح”.
● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .