مفاجأة كبرى جاءت عكس توقعات الكثيرين من المهتمين والمختصين بالسياحة والسفر في المملكة والخليج، عندما أعلن ريتشارد لانج، مدير أول وخبير الشؤون الاقتصادية الدولية في شركة فيزا العالمية، توقعه بارتفاع عدد رحلات السفر في دول مجلس التعاون، وبنسبة تراوح الـ10 % سنوياً حتى تصل إلى 64% في عام 2025، معتمداً على ثلاثة توجهات عالمية رئيسة سترسم ملامح القطاع من الوقت الحالي وحتى سنة 2025، وهي: بروز فئات مسافرة جديدة، وزيادة التواصل الرقمي، وتنامي الفئة السكانية المتقدمة في السن، فيما تقود تلك الزيادة في السفر شريحة العائلات ذات الدخل المتوسط التي يتنامى عددها باطراد.
وستستأثر العائلات التي يبلغ دخلها السنوي 75 ألف ريال أو أكثر بنسبة 90% من مجمل حجم قطاع السفر، وتوقعت الشركة أن تضم هذه الفئة أكثر من 37 مليون أسرة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2025 مع قيام أكثر من 40% من هذه الفئة الجديدة برحلة دولية واحدة على الأقل سنوياً.
ويرى “لانج” أن هناك ارتفاعاً في عدد رحلات السفر الخارجية السنوية من 42 مليوناً في عام 2016 إلى 65 مليون رحلة في عام 2025 وبمعدل زيادة 8%.
التأثيرات تشمل العالم
وأكد رئيس لجنة وكالات السفر والسياحة بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض وليد السبيعي أن عام 2017 سيشهد انخفاضاً ملحوظاً في أعداد المسافرين قد يصل إلى 35 % مع الأخذ في الاعتبار أن المسافرين سيغيرون تخطيطهم وأولوياتهم في اختيار الوجهات السياحية خلال إجازة الصيف، وسيزيد بالضرورة الطلب على الوجهات الداخلية.
وأَضاف: “ستشهد الوجهات القريبة طلباً متزايداً من السعوديين في عام 2017 مثل دبي ومصر؛ لذلك وفقاً لهذه المعطيات أرى أن الأعداد ستقل مع الأخذ في الاعتبار العديد من العوامل المؤثرة مثل الأسعار وعروض الطيران والقرب الجغرافي وتأثر قطاع العمرة بالركود الاقتصادي، وسجلت فنادق مكة المكرمة والمدينه المنورة انخفاظاً ملحوظاً لهذا العام”.
وأشار السبيعي إلى أن “الصناعة تمر بفترة حساسة شملت شركات الطيران ومجموعات الفنادق الدولية ومزودي الخدمة للقطاع باختلاف نوعياتها، وهذا لا يشمل المملكة العربية السعودية فقط، بل انعكاس طبيعي لتباطؤ الاقتصاد العالمي المتزامن مع الهواجس الأمنية لعدد من الدول حول العالم”.
صيف 2017 زيادة ونقصان
يقول المتخصص في السياحة البحرية محمد الحضري: “السفر بالنسبة للأسر السعودية يعد مهماً للغاية، ومن أساسيات الأسر الآن، ولكن مع الضغط الاقتصادي يمكن للأسر أن تعيد ترتيب الأولويات وتقلل عدد السفريات السنوية، أو حتى عدد الأيام وهكذا”.
وأشار الحضري إلى أن الصورة الآن باهتة وغير محددة، وستتضح أكثر في صيف 2017 مع اعتبار أن الأسر ستتبع ثقافة جديدة عند اختيار الوجهات وهي كيف تدير المصروفات خلال السفر.
20 % نقصان
من جهة أخرى، قال مدير شركة العطار في المنطقة الشرقية والوسطى هاني الفيومي: “بالتأكيد وبخبرة البيع ورصد للطلب الجماهيري على الوجهات السياحية أؤكد أن هناك نقصاً لا يزيد عن 20% في أعداد المسافرين في عام 2017”.
وأشار الفيومي إلى أن شركات الطيران زاد فيها معدل الإركاب بنسبة 23% ولكن بالمقابل نقص الدخل المالي بنسبة 30%، مبيناً أن شركات الطيران والفنادق ستجبر على تخفيض الأسعار لتحصل على أكبر نسبة من السياح من السعودية. واتفق “الفيومي” مع مدير شركة فيزا في معايير تحديد الوجهات السياحية.
المطارات ترصد العكس
واتفق مدير عام شركة حجوزات حول العالم، إسلام المحمدي، مع آراء عدم تأثر نسبة السفر إلى الخارج بشكل كبير، وذلك بناء على تقارير المطارات من خلال عدد المسافرين، لافتاً إلى اختلاف وتغيير في الوجهات السياحية التي أثرت على مستوى انفاق السائح السعودي في الخارج، بداية من مستوى الفنادق الخمس نجوم التي تأثرت بنسبة أقل من السنوات الماضية، وبالتالي ارتفعت نسبة مستوى الفنادق الأربع نحوم مقارنة بالسنوات السابقة.
وأكد “المحمدي” أن المسافرين السعوديين سيظلون بنفس العدد، لكن بتغير إلى الوجهات السياحية الأقل كلفة، وخصوصاً خلال الإجازات القصيرة، سيفضل بعض المسافرين الذهاب إلى المدن السياحية السعودية كالخبر وأبها وجدة، وأيضاً إلى مكة والمدينة.
إعادة نظر
من جهته، أشار المدير التنفيذي لمؤسسة رحلتي السياحية ياسر الحساني أن “الركود السياحي الحاصل مع التغيرات الاقتصادية الحالية جعل الأسر تعيد النظر في مخصصات الترفيه، والتي منها السفر، خصوصاً مع الأحداث المتسارعة في العالم”.
وأشار “الحساني” إلى أن السفر يستقطع حوالي ٤٪ من الدخل الشهري، مبيناً أن البديل هو السياحة قصيرة المدى المقتصرة على معدل أقل في المبيت، وتقليل الصرف المالي دون المساس بالسفر في حد ذاته.
إجازة الصيف فقط
ويقول مؤسس موقع “العرب المسافرون” الشهير عبدالعزيز آل شاكر، إن هناك جدولة للسفر وإعادة تخطيط بشكل دقيق والتركيز بشكل أكبر على إجازة الصيف، وتأجيل السفر في الإجازات الفصلية.
وأشار “آل شاكر” إلى الاستبيان الذي أجراه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وكانت نتيجته أن 70% من العينة المختارة أشارت بعد التفكير في السفر في إجازة منتصف العام وتأجيل السفر إلى الصيف.
العروض تكسب
وأشار مدير شبكة زاد المسافر المعنية برغبات المسافرين عبر شبكات الإنترنت، مسيعيد المطيري، إلى أن “شريحة كبرى من السعوديين ستلجأ هذا العام إلى إعادة التخطيط للسفر والبحث عن أماكن ومدن جديدة ورخيصة، مع تقليل مدة السفر بشكل أساسي، وستحدد العروض المقدمة للسياح قرارهم باختيار الوجهات، وقد يلجأ البعض للرحلات الجماعية (القروبات)، والتي كان يصعب القبول بها في الماضي بسبب طبيعة المجتمع السعودي”.
تشبع وإعادة
ورصد المشرف على قلعة الجدعية التراثية بمحافظة الرس، خالد الجدعي، والذي يستقبل عشرات الآلاف من السياح من الداخل والخارج في القلعة، تغيراً في سلوكيات المسافرين نظراً لحالة التشبع جراء سفر الكثير للخارج والأزمات الخارجية والعروض المقدمة من الداخل والخارج.
الأقل سعراً
من جهته، قال أحد أبرز المهتمين بالسياحة الأوربية في تويتر”، نواف العنزي، إن هناك تغييراً جذرياً في توجه السعوديين نحو السفر إلى الخارج بسبب الأزمة الاقتصادية، والأعداد حتماً ستقل، وأيضاً ستتغير ترتيب الوجهات، فالأرخص والأقرب سيفوزان بكعكة السياحة السعودية في عام 2017.
العملات تحدد
وأشار أستاذ إدارة الفاعليات والإدارة السياحية بجامعة الملك سعود الدكتور عماد منشي إلى أنه “بعد انخفاض الإنفاق الحكومي من المتوقع انخفاض أعداد المسافرين لخارج المملكة، وخارجياً ستستمر الإمارات وقطر والبحرين وعمان في اجتذاب السعوديين؛ نظراً لارتفاع الشعور بالأمن والأمان بها، ولقربها الجغرافي، وقدرة هذه الجهات على فهم احتياجات المجتمع السعودي، فضلاً عن الوجهات الآسيوية التقليدية مثل ماليزيا وإندونيسيا وحتى تايلند، والوجهات الناشئة في وسط آسيا. وفي إفريقيا، من المتوقع أن تأتي المغرب في المقدمة، مع زيادة مطردة للسياح السعوديين في تونس بعد إطلاق حملة ترويجية لوزارة السياحة التونسية موجهة للدول الخليجية عموماً، وللسعودية خصوصاً، مع تحسن فرص مصر في اجتذاب السعوديين بعد انخفاض سعر صرف الجنيه المصري”.
وأضاف: “أما الوجهات السياحية الداخلية، فالبرغم من تأثر مناطق المملكة الجنوبية بالحالة الأمنية الحالية وحادثة حي الياسمين المحدودة في حجمها، قد تلحظ نمواً في أعداد السياح السعوديين بها؛ بعد تراجع الدخل المتاح لموظفي الدولة مما يجعل الوجهات الداخلية أكثر ملاءمة لهم، وانتهاء مشاريع التوسعة الرئيسة بالحرم المكي وعودة نسبة حجاج الداخل لوضعها قبل خمس سنوات، وتطور ملحوظ في حجم ونوعية الفعاليات التجارية، والترفيهية، وانتهاء مشاريع سياحية مهمة على مستوى المناطق الرئيسة للمملكة”.
استمرار السفر
من جهة أخرى، لفت مدير الغرفات للحجوزات الفندقية عبدالله الحمين إلى أن “سفر السعوديين في 2017 سيستمر كعادتهم، لكن بتخطيط وتغيير لبعض الوجهات، وتقليص للمدة، واستغلال لعروض شركات الطيران بالدول المجاورة، خصوصاً للأعداد الكبيرة”.
وتابع: “من خلال متابعتي من بداية السنة لاحظت التخطيط والاكتفاء من بعض المسافرين برحلة أو اثنتين خلال هذا العام عكس الأعوام السابقة، حيث كانت رحلات الغالبية لا تقل عن 3 رحلات خلال العطل المدرسية، كذلك زاد الوعي بانتقاء السكن من حيث السعر والموقع لمزيد من التوفير والاستفادة من وسائل المواصلات العامة، كتوفير بدلاً من السيارة الخاصة”.
العروض والتسهيلات
وأوضح مدير عام شركة دولي للسياحة وليد الطريري أن السعوديين سيتجهون إلى وجهات جديدة حيث تسهيلات التأشيرة المقدمة من بعض الدول مثل شرق آسيا.
أتوقع الزيادة
وقال منظم الرحلات السياحية عبدالله هاني التركي: “أتوقع زيادة أعداد المسافرين ولكن مع قلة الصرف، وذلك بفضل الزيادة السكانية السنوية، ولأن السفر أصبح أساسياً في برامج الأسر السعودية” بحسب صحيفة سبق.
● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .